تشرق الشمس على الأرض الخضراء فتصبغها بلون يزيدها جمالا فوق جمالها ، وعلى طرف الحقول يقبع بيت تراصت الأحجار فيه لتصنع حوائطا يعتليها بعض من الخشب كى يصنع من هيكل المبنى بيتا يسكنه مع زوجته وأولاده الكل حوله يغط فى نوم عميق وهو بمفرده تفرد بالصحو مبكرا يسعى نحو براميله البلاستيكية يضع فيها لوحا من خشب ويستمر فى التقليب ، وعلى خيوط من لون أخضر هو لون الصابون السائل الذى عكف قبل نومه على صنعه ، ليس له غير تلك الصنعة يمزج الخامات بعضها ببعض ليصنع صابونا يعبئه فى أكياس ويحمله على دراجته المتهالكة ليدور به على الحوانيت الصغيرة ، ليعطى لكل حصته من الصابون مقابل جنيهات بسيطة تعينه على دفع عبء الحياة الذى أقض مضجعه وأنقض ظهره ، على تلك الخيوط التى تظهر فى المحلول الذى يقلبه رأى ابنته التى توشك أن تتزوج وما أعد لذلك شيئا فلا مال لديه سوى ما يحصله من التجار ، وما تحتاجه ابنته أكثر بكثير من أن يحلم بنصفه ، سبة فى جبينه أن تكون ابنته أقل من غيرها من نظيراتها من فتيات القرية اللائى تزوجن قبلها ، فما ذنبها هى فى فقره وحاجته ، وتنمحى صورة الفتاة لتأتى صورة الزوجة تلك التى عانت معه فى كل جوانب حياته فهى التى عاشت معه سنين الألم والفقر والعوز دون أن تطالبه بأكثر مما يمتلك ، رضيت بالقليل طمعا فى الراحة فما جاء غير شقاء فى شقاء .